إعتام عدسة العين البيضاء

إعتام عدسة العين هو عبارة عن عتامة تتطور ببطء في العدسة البلورية، مما يؤدي إلى فقدان تدريجي للرؤية. إذا كان يتعارض مع الأنشطة اليومية أو المهنية، يمكن التفكير في العلاج الجراحي لاستعادة شفافية العين وتصحيح الرؤية.

تم إنتاج الملف بالتعاون مع خوسيه بيير ساهل، مدير الأبحاث في معهد الرؤية في باريس ومنسق مركز إنسيرم/مركز الأبحاث السريرية في كوينز فينجيه في باريس.

فهم إعتام عدسة العين البيضاء

إعتام عدسة العين هو عبارة عن عتامة جزئية أو كلية للعدسة البلورية تهدد البصر على المدى الطويل. وهي عملية بطيئة وحتمية مرتبطة بتراكم عوامل مؤكسدة على مدار العمر. وغالباً ما تظهر بعد سن الستين، ولكنها ليست نادرة الحدوث قبل هذا العمر. ويؤثر بشكل عام على كلتا العينين بشكل متماثل إلى حد ما. ويؤدي إلى انخفاض تدريجي في الرؤية، ويرتبط بالوهج في الضوء الساطع.

مرض مرتبط بالعمر، لكنه ليس الوحيد

وغالباً ما يكون المرض مرتبطاً بالعمر، ولكن يمكن أن يكون خلقيًا لدى الأطفال أو ثانويًا بسبب صدمة العين أو الالتهاب أو السكري أو التهاب الشبكية الصباغي لدى البالغين. في هذه الحالات، غالباً ما يتطور إعتام عدسة العين في وقت مبكر. وبصرف النظر عن هذه الحالات، لا يمكن التنبؤ بظهور المرض ولا توجد طريقة للوقاية منه لدى عامة الناس. ومع ذلك، يبدو أن هناك بعض عوامل الخطر، مثل التعرض المفرط للأشعة فوق البنفسجية من أشعة الشمس.

حالة مرضية شائعة جداً يسهل تشخيصها

إعتام عدسة العين حالة شائعة جداً. فهي تصيب أكثر من شخص واحد من كل خمسة أشخاص فوق سن 65 عامًا، وحوالي اثنين من كل ثلاثة أشخاص فوق سن 85 عامًا. وهو في ازدياد في البلدان المتقدمة نتيجة ارتفاع متوسط العمر المتوقع.

يعتمد التشخيص على قياس حدة البصر. في حالة وجود عجز، يمكن للفحص بعد توسيع الحدقة أن يحدد عتامة العدسة وتحديد موقعها وتوصيفها بيولوجيًا.

الجراحة، وهي علاج آمن وفعال في أي عمر

يتم علاج إعتام عدسة العين عن طريق الجراحة. تتضمن العملية إجراء شق يبلغ طوله حوالي ملليمترين في كيس العدسة، ثم إدخال مسبار صغير بالموجات فوق الصوتية يقوم بتفتيت وشفط محتوياتها، بما في ذلك الترسبات المعتمة. يتم إجراء العملية بأكملها في ربع ساعة تقريباً، في العيادة الخارجية (بدون دخول المستشفى) وتحت التخدير الموضعي (قطرات العين).

الخلايا الظهارية على سطح العدسة البشرية. الفحص المجهري الإلكتروني بالمسح الضوئي (x1200) © Inserm، إيف كورتوا

هذه العملية آمنة وفعالة. وهي أكثر العمليات الجراحية التي يتم إجراؤها في العالم. في فرنسا، يخضع ما يقرب من 600,000 شخص لهذه العملية سنوياً.

يمكن التوصية بإجراء جراحة إعتام عدسة العين عندما يؤثر إعتام عدسة العين على جودة حياة المريض، أو عندما يبهره الضوء، أو عندما يزعجه ضعف الرؤية. لا يوجد حد للعمر. وغالباً ما تكون الفوائد كبيرة لدى كبار السن الذين يعانون من أمراض أخرى مرتبطة بالعمر، خاصةً الأمراض الإدراكية.

في أكثر من 90% من الحالات، تؤدي العملية إلى تعافي وظيفي ممتاز من اليوم التالي للعملية أو في غضون أيام قليلة. يمكن للمريض العودة إلى نشاطه الطبيعي بسرعة كبيرة، مع العلاج الموضعي المضاد للالتهابات لبضعة أسابيع. ومع ذلك، قد تكون النتائج ضعيفة في حالات أمراض العين الموجودة مسبقاً والتي تؤثر على الشبكية، خاصةً التنكس البقعي المرتبط بالعمر أو الجلوكوما.

استعادة حدة البصر الكاملة في هذه العملية

تؤدي جراحة إعتام عدسة العين إلى فقدان العدسة البلورية لوظيفتها، وهي العدسة المتقاربة ”الطبيعية“ للعين. وحتى ثمانينيات القرن الماضي، كان يتم تعويض هذا الفقدان من خلال ارتداء نظارات سميكة. في الوقت الحاضر، يتم إدخال غرسات داخل العين في الكيس البلوري الذي تم شقه أثناء العملية.

لا تعمل هذه العدسات الصغيرة والمرنة والاصطناعية على استعادة الرؤية لمرضى إعتام عدسة العين فحسب، بل يمكنها أيضاً تحسين العيوب الموجودة مسبقاً بشكل كبير. وقد تم تصحيح قصر النظر وطول النظر والاستجماتيزم وحتى قصر النظر الشيخوخي لدى مئات الآلاف من المرضى في فرنسا عن طريق علاج إعتام عدسة العين. تُستخدم الاختبارات البصرية و/أو اختبارات الموجات فوق الصوتية قبل الجراحة لتقييم حدة البصر واختيار قوة الزرع المناسبة.

أصبحت استعادة الرؤية البعيدة الآن شبه منهجية بفضل الغرسات أحادية البؤرة. لتصحيح الرؤية القريبة أيضًا، تعتبر الغرسات متعددة البؤر جذابة من الناحية النظرية. ومع ذلك، لم يتم تطويرها بالكامل بعد. في هذه الأثناء، يمكن اعتماد استراتيجية أخرى لبعض المرضى، خاصةً كبار السن: تعديل إحدى العينين للرؤية القريبة والأخرى للرؤية البعيدة. ومن ثم تمكّن اللدونة الدماغية القشرة الدماغية من استخدام الصورة الصحيحة اعتماداً على العين المستخدمة. وبالتالي يمكن للمريض أن يستغني عن النظارات في معظم أنشطته، لكنه سيفقد الرؤية بالعينين.

قضايا البحث

نحو تحسين عمليات الزرع والجراحة

يعتبر العلاج الجراحي فعالاً جداً لدرجة أن إعتام عدسة العين هو موضوع أبحاث قليلة نسبياً في الوقت الحالي. وفي حين أن دراسة العدسات البلورية المريضة تمكّن بعض الفرق من العمل على العدسات البلورية المريضة من العمل على الشيخوخة، فإن التقدم الحالي هو بشكل رئيسي في عمليات الزرع والجوانب التقنية للجراحة، بهدف زيادة تحسين فعاليتها وسلامتها.

وقد أدت إمكانية تصحيح بعض مشاكل الانكسار (قصر النظر، وطول النظر، وقصر النظر الشيخوخي) أثناء جراحة إعتام عدسة العين إلى طلب مشروع من المرضى لتصحيح الرؤية القريبة والبعيدة على حد سواء. ولتحقيق هذه الغاية، طورت الشركات المصنعة غرسات متعددة البؤر تتيح نظرياً معالجة كلتا المشكلتين. من الناحية العملية، تكون هذه الغرسات فعالة في الضوء الساطع، ولكنها غير فعالة في الضوء الساطع. وهذا هو السبب في أنها لا تُستخدم إلا في 5% فقط من العمليات، في المرضى الصغار نسبياً الذين يعانون من مشاكل انكسارية متواضعة.

لقد أتاح وصول أشعة الليزر تحت الحمراء ذات النبضات القصيرة جداً (ليزر الفيمتو ثانية) إمكانية إجراء بعض المهام بشكل آلي، مثل شق الكيس البلوري. ولكنه لا يمكن أن يحل محل جميع المراحل الجراحية اليدوية. وبالتالي فإن استخدامه يطيل مدة العملية دون أي فائدة علاجية للمريض. في الوقت الحالي، من الصعب التنبؤ بمستقبل هذه الأداة القوية والمكلفة للغاية.